بسم الله والحمد لله والصلاةُ والسلامُ على رسول الله
أما بعد,
فقد بعث إليَّ أحدُ إخواني الأعزاء برسالة يسألني فيها عن حكم الإسلام في الوصية المزعومة التي انتشرت -ولا تزال- بين عوام المسلمين منذ قرابة النصف قرن ! وبعدما جلَّيتُ له الأمرَ رأيتُ إتماماً للفائدة أن أنشرها مع ردي عليها في المنتدى كي نكون منها جميعاً على بينة,
ونصُّها:
مقالة:
"من الشيخ احمد حامل مفاتيح حرم الرسول الكريم(ص)الى المسلمين من مشارق الارض ومغاربها, يقول الشيخ احمد انه كان في ليلة يقرأ فيها القران الكريم وهو في الحرم المدنيه الشريفة وفي تلك الليله غلبني النعاس ورأيت في منامي الرسول الكريم واتى الي وقال: انه قد مات في هذا الاسبوع 40 ألف على غير ايمانهم وانهم ماتوا ميتة الجاهلية وان النساء لا يطعن ازواجهن ويظهرن امام الرجال بزينتهم من غير ستر ولا حجاب وعاريات لجسد ويخرجن من بيوتهن من غير علم ازواجهن وان الاغنياء من الناس لا يؤدون الزكاة ولا يحجون الى بيت الله الحرام ولا يساعدون الفقراء ولا ينهون عن المنكر . وقال الرسول(ص)ابلغ الناس ان يوم القيامة قريبا ستظهر في السماء نجمة ترونها واضحة وتقترب الشمس من رؤوسكم قاب قوسين او ادني وبعد ذلك لا يقبل الله التوبة من احد وستقفل ابواب السماء ويرفع القران من الأرض إلى السماء ويقول: الشيخ احمد انه قد قال له الرسول الكريم(ص)في منامه انه اذا قام احد الناس بنشر هذه الوصية بين المسلمين فانه سيحظى بشفاعتي يوم القيامة ويحصل على الخير الكثير والرزق الوفير ومن اطلع عليها ولم يعطها اهتماما بمعنى ان يقوم اوالقائها أو تجاهلها فقد اثم اثما كبير ومن اطلع عليها ولم ينشرها فانه يرمى من رحمة الله يوم القيامة"
قلتُ (القائل إسلام): اعلم -أخي في الله- أن هذه الوصية محضُ كذبٍ لا إشكال فيه! ولا تكشفُ ركاكةُ ألفاظِها وسماجةِ معانيها إلا عن حُمقِ كاتبها وعوار فكرِهِ بل وضلالِ مُعتقدِهِ !
وليت شعري كيف يعتقِدُ هذا الأفاك الأثيم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خان أمانةَ الوحيِِ فكتم هذه الوصية ولم يُخبِر بها أحداً من صحابته الكرام أفضلُ البشرِ بعد الرسلِ والأنبياء ولا زوجاتِهِ الفضليات أمهاتِ المؤمنين بل وترك أمةَ الإسلامِ قروناً عدة ترسف في الجهلِ والغيِّ حتى أتاهُ في منامِهِ ليُطلعه عليها!! تالله لا يقول بهذا إلا مخبولٌ بغيض أو صاحب هوىً غير رشيد!
بل والأنكى أنَّ كاتبَها "الدجَّال!" لم يقتصر على الإخبار بما لم يأتِ الشرعُ بذِكرِهِ (كتلك النجمة السماوية التي يزعُمُ أنها ستظهر ! ) بل تعدَّاهُ إلى تقنين الثوابِ والعِقابِ لمن نشرها ومن استهان بها! ويظهرُ هذا جليَّاً في:
مقالة:
اذا قام احد الناس بنشر هذه الوصية بين المسلمين فانه سيحظى بشفاعتي يوم القيامة ويحصل على الخير الكثير والرزق الوفير ومن اطلع عليها ولم يعطها اهتماما بمعنى ان يقوم بتمزيقها اوالقائها أو تجاهلها فقد اثم اثما كبير ومن اطلع عليها ولم ينشرها فانه يرمى من رحمة الله يوم القيامة
ولا يعلمُ المسكين مبلغَ الضلالِ الذي وقع فيه بفريتِهِ تلك, فإن الله -عز وجلَّ- قد أتمَّ شريعةَ الإسلامِ إتماماً لا يدعُ مجالاً لأمثالِهِ من أهلِ البدعِ والضلالات ومن لفَّ لفَّهم من الطُرُقية وأربابِ التصوُّفِ ليزُجّوا فيه بما تشاءُ أهواؤهم من بدعٍ وخرافات يزعمون أنها تقرِّبهم إليه -جلَّ وعلا- ! , كيف لا وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة:3] وقال (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" أخرجه مسلم (4590) وقال أيضاً: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أخرجه النسائي (1579) وصححه الألباني ؟!, واسمع ما روي ابن الماجشون عن الإمام الكبير مالك بن أنس -رحمه الله- أنه قال: من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمدا عليه الصلاة والسلام خان الرسالة..!
أقول هذا كلّه لو افترضنا أن ذاك الـ "أحمد" حامل المفاتيح المزعوم قد خلقه الله عز وجل وأنجبته إحدى النساء ! فكيف وقد أكَّدَ سماحةُ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية) -رحمه الله- في رسالته التي نقض فيها الوصية المزعومة أنَّ هذا الرجل ليس له وجود ؟! ولم يحمل مفاتيح الحرم في يومٍ من الأيام رجلٌ يقال له الشيخ أحمد ..!
ثم اعلم -يرحمك الله- أنَّ الرؤى المنامية لا قيمة لها البتَّة في تبديل أو تعديل الأحكام الشرعية بعد وفاةِ النبي (صلى الله عليه وسلَّم) فإن الشرع قد كمُل وانقطع الوحيُ عن الأرضِ برحيلِهِ (صلى الله عليه وسلم), فكلُّ رؤيا بعد ذلك لا يُعلمُ كونها من الله أو من النفس أو من الشيطان إلا بعرضها على أحكام الشرعِ فإن وافقتها فذاك وإلا فاضرب بها عرض الحائط.
وأقول ختاماً: لا يجوز أن ننشر هذه الوصية الزائفة إلا على سبيل التحذير منها والتشهير ببدعيتها, والله من وراء القصد.
بقلم/ د.إسلام طعيمة
